أَذِنْتَ لَهُمْ} التوبة: ٤٣، وقيل: هو من تمام قوله {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} التوبة: ١١٢ , وقيل: تاب عليهم فاستنقذهم من شدة العسرة, وقيل: تاب عليهم فغفر لهم ذنوبهم، وهو قوله {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ}.
{وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} يريد غزوة تبوك, وقيل: هي وغيرها من الحروب.
وساعة العسرة: زمان عسرة الظهر، وكان الجمل بين جماعة يتعاقبون عليه، وعسرة الماء وشدة الحر حتى شربوا الفَظَّ، وهو ماء الكَرِش، وعسرة الزاد، حتى جاء في الآثار: أن الرجلين منهم كانا يقتسمان تمرة وربما مص (١) التمرة جماعة ليشربوا عليها الماء (٢).
{مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ (٣) قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} تميل عن الجهاد وتهم بالانصراف، وقيل: شك جماعة في الإسلام، والأول هو الوجه.
{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} أي: على الفريق الذين زاغت قلوبهم, وقيل: تاب عليهم جميعاً حين أحسنوا النية.
وذُكِرَ أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما سألا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يستسقي الله، ففعل فمطروا حتى ملؤا ما معهم (٤).
{إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧)}.
(١) في (د): (وربما خص مص الثمرة ... ).
(٢) أخرجه الطبري ١٢/ ٥١ وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٩٩ نحوه عن مجاهد وقتادة.
(٣) في النسخ الخطية (تزيغ) بالتاء، والقراءة بالياء هي قراءة حمزة وحفص عن عاصم، بينما قرأ باقي العشرة بالتاء (تزيغ). انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ١٩٧).
(٤) أخرجه الطبري ١٢/ ٥١ - ٥٣، والحاكم ١/ ١٥٩، والبيهقي في «دلائل النبوة» ٥/ ٢٣١، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
والسائل هو أبو بكر رضي الله عنه وحده فيما وقفت عليه.