يغزوها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا سرية أبدا، فلما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسرايا إلى الغزو (١) نفر المسلمون جميعاً وتركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحده بالمدينة، فأنزل الله هذه الآية (٢).
أي: ما كان ينبغي لهم أن ينفروا كافة جميعاً.
{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} أي: هلا خرج من كل قبيلة منهم جماعة وأقام سائرهم {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} أي: ما يتجدد من أحكام الدين بنزول القرآن {وَلِيُنْذِرُوا} بذلك {قَوْمَهُمْ} الغائبين {إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} من غزوهم {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)} ما يجب اجتنابه.
الحسن وابن جرير: التفقه والإنذار راجعان إلى الطائفة النافرة، أي: ليتبصروا ويتيقنوا بما يريهم الله من الظهور على الكفار ونصرة المؤمنين ولينذروا قومهم الكفار إذا رجعوا إليهم من الجهاد ويخبروهم بنصر الله المؤمنين لعلهم يحذرون (٣).
وقال الكلبي: ذكر أن أحياء من بني أسد وردت المدينة فملأوا (٤) الطرق بالعذرات وغلت الأسعار، فأنزل الله هذه الآية (٥).
أي: لا ينبغي أن يحضروا بأجمعهم بل تحضر طائفة فيتفقهون وينذرون قومهم ويعلمونهم (٦) إذا رجعوا إليهم.
(١) في (د): (العدو) وهي موافقة لما في «أسباب النزول» للواحدي.
(٢) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٣٩) عن ابن عباس من رواية الكلبي، وذكره قبله: الثعلبي في «الكشف» (ص ٤٩١ - رسالة جامعية).
(٣) أما قول الحسن، فقد أخرجه عبدالرزاق ١/ ٢٩١، والطبري ١٢/ ٨٢، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩١٢.
وقد أيده الطبري في هذا التفسير وصوّب قوله، فلذلك قرنهما الكرماني.
(٤) في (ب): (فملأت).
(٥) ذكره الثعلبي في «الكشف» (ص ٤٩٢ - رسالة جامعية) عن الكلبي.
(٦) سقطت كلمة (ويعلمونهم) من (ب).