وقيل: الدّليل المؤدّي إلى العلم من جهة الرّسول والكتاب فآمن به بعض وكفر به بعض.
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣)} أي: يظهر لهم.
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}:
روي أنّ النّبيّ عليه الصلاة والسَّلام لمّا نزلت هذه الآية قال: (لا أشكّ ولا أسأل) (١) فلم يسأل.
وقيل: الخطاب للنّبيّ عليه الصلاة والسّلام والمراد به غيره، كقوله:
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} الأحزاب: ١ {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ} الطلاق: ١.
وقيل: إن هاهنا للنّفي، أي (٢): ما كنت في شكّ، كقوله: {وَإِنْ أَدْرِي} الأنبياء: ١٠٩.
وقيل: هذا تبكيت للشّاكّين كقوله لعيسى عليه السّلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ} المائدة: ١١٦ تبكيتاً لقائله.
وقيل: {فِي شَكٍّ} في ضيق صدر، أي: إن ضقت به ذرعاً فاصبر وسل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك كيف صَبْرُ (٣) الأنبياء.
قال الفرّاء في جماعة: هذا كقول الرّجل لعبده وابنه: إن كنت عبدي فأطعني وإن كنت ابني فلا تخالفني، وليس هو بشاكٍّ فيهما (٤).
واختار هذا القول جماعةٌ من المفسّرين، وفيه ضعف، لأنّ قول القائل لعبده وابنه: إن كنت، تقديره: أنت عبدي وأنت ابني، فيصير تقدير الآية: أنت في شكّ، إذ ليس في الآية على تأويلهم ما يدلّ على النّفي (٥)، ويحتمل أن يقال: ليس هذا خطاباً للنّبيّ عليه الصلاة والسّلام، بل خطابه مضمر وتقديره: قل يا محمّد للشّاكّ في نبوّتك: فإن كنت في شكّ ممّا أنزلنا إليك، والقرآن منزل على الأنبياء ومنزل إلى كلّ واحد (٦) من الخلق كقوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} البقرة: ١٣٦ وقد سبق (٧)، ويقوّي هذا ما بعده من قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} يونس: ١٠٤.
وقوله: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}:
أي: مؤمني أهل الكتاب ومتديّنيهم.
(١) أخرجه عبدالرزاق ١/ ٢٩٨، والطبري ١٢/ ٢٨٨ عن قتادة، فهو مرسل.
(٢) سقطت كلمة (أي) من (د).
(٣) في (أ): (صبروا الأنبياء).
(٤) انظر: «معاني القرآن» للفراء ١/ ٤٧٩.
(٥) في (ب): (على النصب).
(٦) سقطت كلمة (واحد) من (ب).
(٧) انظر (ص ٤٤٣ - رسالة الشيخ الدكتور ناصر العمر- القسم الأول).