{وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} ذلَّلهما لما يراد منهما تذليل الفرس للركوب (٣) , وقيل: سخرهما لمنافع العباد.
{كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} لانقضاء الدنيا.
والأجل: الوقت المضروب لحدوث أمر أو انقطاعه.
ابن عباس: {يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}: يريد درجاتهما ومنازلهما ينتهيان إليها لا يتجاوزانها (٤).
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} يقضيه وحده.
{يُفَصِّلُ الْآيَاتِ} يبينها ويميز بعضها عن بعض.
{لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢)} كي تتفكروا فتعرفوا قدرته على البعث والإعادة.
{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} بسطها طولاً وعرضاً لتثبت عليها أقدام الخلق.
واختلفوا في شكل الأرض: فقيل: بسيط, وقيل: كري، والآية حجة لمن قال بسيط (٥).
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} جبالاً ثوابت، من رسا الشيء: إذا ثبت (٦)، وكانت الأرض تضطرب فخلق الله الجبال أوتاداً فاستقرت.
ابن عباس رضي الله عنهما: كان أبو قبيس أول جبل وضع على الأرض (٧).
و{رَوَاسِيَ} جمع راسية، والتاء للتأنيث، أي: جبل راس وأجبل راسية وجبال رواسي، فجبال جمع أجبل, وقيل: التاء للمبالغة، كنسَّابة وعلَاّمة، والأول أولى.
{وَأَنْهَارًا} جمع نهر، وهو مسيل الماء، من: نَهَرت الشيء، أي: وسعته.
{وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: لونين وضربين، حلواً وحامضاً ومراً وعذباً وحاراً وبارداً، يريد اختلاف كل جنس من الثمر.
والزوج واحد والزوج اثنان، ولهذا قُيِّدَ لِيُعْلَمَ أن المراد بالزوج هاهنا: الفرد لا التثنية، فيكون أربعاً، وخص اثنين بالذكر وإن كان من أجناس الثمار ما يزيد على ذلك لأنه الأقل، إذ لا نوع تنقص أصنافه عن اثنين.
وقيل: {زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}: الشمس والقمر, وقيل: الليل والنهار على أن الكلام تم على (٨) قوله {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}.
(٣) في (ب): (المركوب)، وفي (د): (الركوب).
(٤) في (د): (لا يجاوزانها).
وقول ابن عباس: أورده ابن حبيب (ق ١٣٠/أ)، والثعلبي (ص ٥٠٩) وغيرهما.
(٥) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ١٢/ ٨.
(٦) سقطت (إذا) من (ب).
(٧) ذكره الثعلبي (ص ٥١٠) والقرطبي ١٢/ ٨، وأخرجه ابن أبي حاتم ٧/ ٢٢١٦ عن عطاء.
(٨) في (د): (عند قوله).