{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)} في سبب النزول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت تصلي خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة حسناء في آخر الناس، وكان بعضهم يتقدم في الصف الأول لئلا يراها، وكان بعضهم يكون في الصف المؤخر فإذا ركع قال هكذا فينظر من تحت إبطه، فنزلت {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)} (١).
وقال الربيع بن أنس: حض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصف الأول في الصلاة فازدحم الناس عليه، وكانت بنو عذرة دُورهم قاصية عن المسجد، فقالوا: نبيع دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد، فأنزل الله هذه الآية (٢).
والمعنى: نعلم المتقدم والمتأخر ونعلم نياتهم فنجازيهم عليها يوم القيامة، وهو قوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)}.
وقيل: المستقدمون هم الأموات، والمستأخرون الأحياء، وهذا المعنى أليق بما قبله وما بعده من الآيات.
عكرمة: المستقدمون: الذين خلقوا، والمستأخرون: الذين لم يخلقوا بعد (٣).
وقيل: هم الأولون والآخرون، وقيل: المستأخرون: أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، والمستقدمون: من قبلهم، وقيل: المستقدمون في الخيرات والمستأخرون عنها (٤).
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} يعني آدم عليه السلام.
{مِنْ صَلْصَالٍ} حمأة صارت بمفارقة الماء طيناً يصوت إذا نقر، مشتقٌّ من: الصلصلة، وهي صوت الشيء إذا نقر.
وقيل: من: صَلَّ اللحم: إذا أنتن.
{مِنْ حَمَإٍ} جمع حَمْأة، وهي الطين يطول جريان الماء عليه (٥) فينتن ويسود.
{مَسْنُونٍ (٢٦)} مصبوب لييبس، والسَنُّ: الصَبُّ، وقيل: متغير من حال الحَمْأة
(١) أخرجه الترمذي (٣١٢٢)، والنسائي (٨٧٠)، وابن ماجه (١٠٤٦)، وقال ابن كثير ٨/ ٢٥٤: (هذا الحديث فيه نكارة شديدة).
(٢) ذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ٧١)، والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٥٨).
(٣) أخرجه عبدالرزاق ١/ ٣٤٨، والطبري ١٤/ ٤٨.
(٤) في (ب): (فيها).
(٥) كلمة (عليه) من (د) فقط.