والكلُّ قائمون دائمون على ما خلقَهم، لا يَملكُ أحدٌ أنْ يُبَدِّلَ نفسَه ويُغيرَها (١).
وقال السُّدِّيُّ: كلٌّ له قانتون يومَ القيامة (٢).
وقيل: ذُكِرَ الكلُّ، وأريدَ به البعضُ، كما في قوله: {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ} (٣) البقرة: ٢٦٠، وقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} النمل: ٢٣.
وقال الإمام أبو منصور بعد ذكره أكثرَ هذه الأقاويل: ويحتملُ تنزيهَ الخلقة؛ لأنَّ خلقةَ كلِّ أحدٍ تُنَزِّهُ ربَّهُ عن جميعِ ما يَقولون فيه (٤). أو يقال: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} في الجملة، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} الزخرف: ٨٧ (٥).
* * *
(١١٧) - {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
وقوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: البديعُ والمبدعُ والمبتدعُ واحدٌ، وهو الذي لم يَسبقهُ أحدٌ في إنشاء مثلِه، ولذلك سُمِّيَ صاحبُ الهوى مبتدعًا؛ لمَّا لم يسبقهُ في مثلِ قولِه أحدٌ.
وهذا رد على الذين قالوا: اتخذ اللَّه ولدًا؛ أي: مَنْ قَدَرَ على خلق السَّماوات والأرض من غير شيءٍ، كيف لا يَقدِرُ على خلق عيسى مِن غير أبٍ (٦).
(١) في (ف): "يذل نفسه ويعزها" بدل: "يبدل نفسه ويغيرها".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٤٦٢).
(٣) بعدها في (ف): "منهن جزءا".
(٤) في (ف): "النقص" بدل: "ما يقولون فيه".
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٥٤٦ - ٥٤٧).
(٦) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٥٤٨).