عليهما: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} المائدة: ١١٢، فتحكُّمُهم كتحكُّم أولئك.
ويَحتملُ ظاهرُ هذه الآية وجهين:
أحدهما: أنَّ أولئك سألوا عين ما سأل هؤلاء. ويَحتملُ أنَّ سؤال أولئك كان سؤال تعنُّتٍ، لا سؤالَ استرشادٍ كسؤال هؤلاء، وتكون التَّسويةُ بين الفريقين في صفةِ السُّؤال، لا عين المسؤول.
وقوله تعالى: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: تماثَلَت قلوبُ الفريقين في التَّكذيب والكفر وإرادةِ سؤالِ التعنُّت، وهو كما قال تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ} الذاريات: ٥٣.
وقوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي: التَّوراةَ والإنجيلَ لأهلِ الكتاب، والقرآنَ للكلِّ، فلِمَ يسألون إتيان الآيةِ، وقد أتتهُم الآيات؟!
وقوله: {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} فأصلُ البيان الذي يَقعُ به الإلزامُ يعمُّ الكلَّ، لكن يخصُّ الموقنين في حقِّ النفع؛ كما قلنا في قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} البقرة: ٢، و {هُدًى لِلنَّاسِ} البقرة: ١٨٥.
* * *
(١١٩) - {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}.
وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} أي: مبشِّرًا لِمَن أيقنَ بالآيات فآمن، ونذيرًا لِمَن تغافلَ عنها فلم يؤمن.
وقوله: {بِالْحَقِّ} أي: بالإسلام، قال تعالى: {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} التوبة: ٣٣.