وقيل: {بِالْحَقِّ} أي: لبيان الحقِّ، والباءُ قد تكون بمعنى اللام، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} الحج: ٦؛ أي: لأنَّ اللَّه (١).
وقيل: أي: على الحقِّ، كما قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} الأنعام: ٧٣؛ أي: على الحقِّ؛ يعني: أنَّها حقٌّ لا باطل، والباءُ قد تكون بمعنى: على، قال تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} الأعراف: ١٧١؛ أي: عليهم.
وقيل: معناه (٢): أرسلناك مع الحقِّ، وهو القرآن، والباءُ قد تكون بمعنى: مع، يقال: دخل فلانٌ بسيفِه؛ أي: مع سيفه.
وقوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} أي: عن الكفَّار الذين هم أصحابُ النَّار، و (٣) الجحيم: النَّارُ الشَّديدةُ الالتهاب، والجاحم (٤): المكان الشديد الحرِّ.
والقراءةُ الفاشيةُ فيه ضمُّ التَّاء واللَّام، ورفعُه مِن وجهين: الاستئنافُ والحال، أي: أرسلناك (٥) بشيرًا ونذيرًا، غيرَ مسؤولٍ عن أهل النَّار، إنَّما عليك البلاغُ، وعلينا الحساب، فلا تذهب نفسُك عليهم حسرات، ولذلك قال: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} الشعراء: ٣، وهو كقوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} البقرة: ١٣٤.
وقرأ نافعٌ: {وَلَا تَسْأَلُ} بفتحِ التاء وجزمِ اللام (٦). قال الزجَّاج: لها (٧) وجهان:
(١) بعدها في (ر): "هو الحقُّ".
(٢) في (أ): "أي".
(٣) في (ر) و (ف): "في الجحيم".
(٤) في (ر) و (ف): "والجحيم".
(٥) بعدها في (أ): "بالحق".
(٦) انظر "السبعة" (ص: ١٦٩)، و"التيسير" (ص: ٧٦).
(٧) في (أ): "له".