والمِلَّةُ: الطَّريقُ الواضحُ، وقيل: الطَّريقُ المسلوك، وقيل: هي النِّحْلَة، وقيل: هي الطَّريقة التي يَحْمى لها صاحبُها إذا تعرَّضوا لها، مِنْ قولهم: خبزُ مَلَّةٍ، وهو الذي خُبِزَ في الجمرِ تحت الرَّماد.
وقيل: معناه: حتى تتَّبع قبلتهم؛ أي: تصلِّي إليها، ولا يُمكنُك ذلك؛ لأنَّ النصرانيَّة غيرُ اليهوديَّة، وكذا قبلةُ النَّصارى إلى المشرق، وقبلةُ اليهودِ إلى المغرب، ولو تَوجَّهت إلى أحدهما؛ استدبرتَ الأخرى، فاترك طلب رضاهم، واتَّبع رضايَ وقبلتكَ التي أنت عليها.
وقال الزجَّاج: كانوا يسألونه الهدنةَ والمسالمةَ، ويُرُوْنَهُ أنَّه إنْ أمهلَهم؛ أسلموا، فأعلَمَهُ (١) أنَّهم لنْ يَرضوا عنه حتى يتَّبع ملَّتَهم (٢).
وقيل: كان يجتهدُ في طلبِ ما يُرضيهِم؛ ليُقبِلوا إلى الإسلام، فقال له: دعْ طلبَ ما يُرضيهم إلى ما أمرتُك به مِن مجاهدَتهم.
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} أي: طريق اللَّه؛ وهو الإسلامُ، هو الطريقُ الحقُّ.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: إنَّ دينَ اللَّه الذي اختارَه أهلُ الإسلام؛ بالأمر، واتِّباعِ الآيات هو الدِّين، لا ما اختارَهُ هؤلاء بأهوائهم (٣).
وقال الزَّجَّاج: قل: إنَّ الصراط الذي دَعا إليه وهَدى إليه هو طريقُ الحقِّ (٤).
(١) في (أ): "فأعلمهم" وفي (ر): "فأعلمه اللَّه".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٢٠٢).
(٣) في (أ): "أولئك" بدل: "هؤلاء بأهوائهم". وانظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٥٥٢).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٢٠٢).