فأشرك (١) فيها كلَّ أهل السَّماء والأرض مِن أهل التوحيد.
وقوله تعالى: {قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} أي: لا تصيبُ الإمامةُ أهل الظُّلم مِن ولدك، وهم أهل الكفر؛ أخبر أنَّ إمامةَ المسلمين لا تثبتُ لأهل الكفر، وأنَّ مِن أولاده (٢) المسلمين والكافرين، قال تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} الصافات: ١١٣، والمحسن: المؤمن، والظالم: الكافر.
وتعلَّقت المعتزلةُ بظاهر الآية في نفي صلاحيةِ الإمامةِ للفاسق، لكن نقولُ: الظَّالم أُرِيد به الكافر هاهنا.
وقيل: إنَّه سأل أن يكون ولدُه إمامًا نبيًّا كما كان هو، فأُخبرَ أنَّ الظالمَ لا يكون نبيًّا إمامًا (٣).
وقال الحسن: ليس لهم عند اللَّه عزَّ وعلا عَهْدٌ يعطيهم عليه خيرًا في الآخرة، فأمَّا في الدنيا فقد يعاهدون فيوفي لهم (٤).
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: فإن قيل: كيف كان قولُه: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} جوابًا لقوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}، وكانت الرسالة في ذرِّيَّته، قال تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} الزخرف: ٢٨؟
قيل: يَحتملُ قولُه: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} أنَّه أحبَّ أن تكون الرسالةُ تدومُ في ذرِّيَّته
(١) في (ر) و (ف): "فاشترك".
(٢) بعدها في (ر) و (ف): "أولاد".
(٣) في (ر): "إمامًا ولا نبيًّا".
(٤) علقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢٢٤) عقب الأثر (١١٨٨).