أبدًا، حتى لا يكون بين الرُّسُل فتراتٌ، فأخبرَ أنَّ في ذرَّيته مَن هو ظالمٌ، فلا ينالُ الظالمُ عهدَهُ (١).
* * *
(١٢٥) - {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً} أي: واذكروا أيضًا (٢) إذ جعلنا الكعبةَ، و {الْبَيْتَ} معرَّفًا بالألف واللام اسمُها، وقد ذُكِر هذا في القرآن على وجوه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} آل عمران: ٩٦، {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} البقرة: ١٢٥، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} قريش: ٣، {الْبَيْتَ الْحَرَامَ} المائدة: ٩٧، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمران: ٩٧.
وقوله تعالى: {مَثَابَةً} أي: مرجعًا، مِن: ثابَ يثوب ثوبًا؛ أي: رجعَ.
قال الحسن: يثوبون إليه كلَّ عام؛ أي: ليس هو في الزمان مرَّة فقط (٣).
وقال ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ رضي اللَّه عنهم: لا ينصرفُ عنه أحدٌ، وهو يرى أنَّه قد قضى منه وطرًا فهم يعودون إليه (٤).
وقوله تعالى: {لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} أي: مأمنًا؛ وهو موضعُ الأمن؛ وهو (٥) ضدُّ الخوف، قال تعالى: {حَرَمًا آمِنًا} (٦) القصص: ٥٧، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا إنَّ مكَّةَ حرامٌ مِن
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" لأبي منصور الماتريدي (١/ ٥٥٥).
(٢) لفظ: "أيضًا" من (ر).
(٣) علقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢٢٥) عقب الأثر (١١٩١).
(٤) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥١٨).
(٥) في (أ): "والأمن".
(٦) في (أ): "ومن دخله كان آمنًا" بدل: "حرمًا آمنًا".