وقيل: قوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً} يقتضي قوله: ثوبوا إليه، فيكون {وَاتَّخِذُوا} عطفًا عليه.
وقوله: {مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} المقامُ: موضعُ القيام، والْمُقام بالضمِّ: موضعُ الإقامة، ونفسُ الإقامة أيضًا.
وقال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: الحرَمُ كلُّه مقامُ إبراهيم (١)، فمَن كان فيه استقبلَ البيتَ، ومَن كان خارجًا منه استقبلَ الحرمَ، فهو المصلَّى.
وقال عطاء: هو المناسك؛ أي: مواضع أفعال الحجِّ؛ كعرفات والمزدلفة ومنى ومكَّة (٢).
وقيل: هو مكَّة، وقيل: هو المسجد، وقيل: هو البيت، وقيل: هو موضعٌ يُقابِلُ بابَ الكعبة يتوجَّه منه (٣) إليها.
وقال السُّدِّيُّ رحمَه اللَّه: هو الحَجَرُ الذي كانت زوجةُ إسماعيلَ وضعتهُ تحت قدمَي إبراهيم حين غَسَلَتْ رأسَهُ وهو راكبٌ، وضعَ عليه قدمًا، فغسلت شِقًّا، ثمَّ حوَّلت إلى الشِّقِّ الآخر، ففعل كذلك، جعلَه اللَّهُ تعالى مِن شعائرِه (٤).
وقيل: هو الحجرُ الذي وَضَع عليه قدمَهُ حين نادى بالحجِّ فقد رُوِيَ أنَّه لمَّا فَرغ من بناء الكعبة؛ قيل له: أذِّن في الناس بالحجِّ، فقال: كيف أُنادي وأنا بين الجبال، وليس بحضرتي (٥) أحد؟ فقال اللَّه عزَّ وعلا: عليك النداء وعليَّ البلاع، فصعِد أبا
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢٢٦) (١١٩٨).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٢٥).
(٣) في (ف): "منها".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٢٨).
(٥) في (ف): "ولم يحضرني" بدل: "وليس بحضرتي".