إبراهيمُ فقال: يا ربِّ، حَذفَ حرفَ النِّداء، وهو جائزٌ، قال اللَّه تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}؛ أي: يا يوسف.
وقوله: {هَذَا} أي: هذا الوادي، فقد قال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} سألَ اللَّهَ تعالى قبل أن يصيرَ الوادي بلدًا أن يجعله بلدًا آمنًا، وفي سورة إبراهيم قال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} إبراهيم: ٣٥، وكان هذا الدُّعاء بعد ما صار بلدًا، سألَهُ أن يجعلَهُ آمنًا.
وقيل: معناهما واحدٌ، أو (١) تمام الكلام: اجْعَلْ هَذَا البلد (٢) بَلَدًا آمِنًا، الأوَّل إشارةٌ إلى المعرفة، والثاني مفعولٌ؛ أي: مفعولٌ (٣) ثانٍ، ويُذكَرُ على طريق النَّكرة؛ ففي آيةٍ حذفَ المعرفةَ وبقَّى النَّكرة، وفي آيةٍ أخرى حذفَ النَّكرة وبقَّى المعرفةَ.
وقوله: {آمِنًا} أي: ذا أمْنٍ؛ كقوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} الحاقة: ٢١؛ أي: ذات رضا، والأمنُ للأهلِ ممَّا ذكرنا في قوله: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}.
فإن قالوا: إنَّ مكَّة كانت حرامًا قبل هذا، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألَا إنَّ مكَّة كانت حرامًا حرَّمها اللَّه تعالى (٤) منذ خلق اللَّه السَّماوات والأرض" (٥)، فما معنى سؤال الأمن؟
قلنا: كان الأوَّل أمنًا عن الاصطلام وإثباتًا في (٦) النفوس تعظيمَها واحترامَها،
(١) في (أ): "إذ".
(٢) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٣) قوله: "أي: مفعول" ليس في (أ).
(٤) في (أ): "حرام" بدل: "كانت حرامًا حرَّمها اللَّه تعالى".
(٥) سلف نحوه قريبًا.
(٦) في (ف): "على".