وقال الحسنُ البصريُّ رحمه اللَّه: إلَّا من جَهِلَ قدرَ نفسه، فعبدَ صنمًا هو دونه، قال تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} الآية الأعراف: ١٩٥.
وقوله تعالى: {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا} أي: اخترناهُ بالإسلام والنبوَّة. ويقال: بالسَّخاوة والخُلَّة، وقيل: بالعهدِ والإمامة، وقيل: بالكلماتِ وبناء الكعبة.
وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} أي: أجبنا دعوتَه: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} الشعراء: ٨٣؛ أي: الأنبياء الماضين، قال تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ} إلى قوله: {كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} الأنعام: ٨٤، ٨٥، وقال: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} الأنبياء: ٨٦
وقيل: أي: مِن الفائزين لصلاحه.
وقيل: أي: مِن المُستحِقِّين ثوابَ الصَّالحين بوعدِ اللَّه.
وقيل: معناه: وإنَّه في الآخرة لمن الصَّالحين (١)؛ أي: مع آبائه المرسلين في الجنَّة.
وقيل: أي: من الباقين على الصَّلاح في الدُّنيا، حتَّى يكونَ كذلك في العُقْبى، فكم مِن صالحٍ في أوَّل حاله، ذهبَ صلاحُه في مآله، وكان (٢) في الآخرة لعذابه ونكاله؛ كبلعام (٣) وبرصيصا (٤) وقارون وثعلبة (٥).
(١) من قوله: "وقال: وأدخلناهم في" إلى هنا من (أ).
(٢) في (أ): "فكان".
(٣) خبر بلعام أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٧٦ - ٥٧٨) عن أبي المعتمر.
(٤) خبر برصيصا الراهب أخرجه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٤٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٥) خبر ثعلبة أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٨٤٧ - ١٨٤٩) (١٠٤٠٨)، والطبراني في "الكبير": ٧٨٧٣، وغيرهما من طريق مُعان بن رِفاعة عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم عن أبي =