فإن قالوا: قوله: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} نَفى علمَهم (١)، وإثباتُ الشَّهادة عندَهم إثباتُ عليم لهم؛ إذ الشَّهادةُ لا تكونُ إلَّا بعلمٍ؟
قلنا: كانوا يَعرفونه كما يعرفون أبناءَهم، ولمَّا كَتموا ذلك التحَقوا بالجهَّال؛ لفوت نفع العلم.
* * *
(١٤١) - {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وقوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} التكريرُ للتَّأكيد والتَّقرير.
وقيل: هذه محاجَّةٌ في غير ذلك الزمان، وغير ذلك المكان.
وقيل: الأُولى ترجعُ إلى أسلافِهم؛ أي: تلك الأسلاف قد مضت، وهذه في إبراهيم ومَن معه.
ووجهُه أنها مع فضلِها (٢) ونبوَّتها، إذا لم ينفعْها عندَ اللَّهِ إلَّا ما كسبت بأنفُسِها، فأنتم أحرى أن لا ينفعَكم عند اللَّه ما كسبوهُ، ولا تَنتفعون إلَّا بما تَكسِبونه، فلا تتَّكِلوا على أفعالهم.
* * *
(١٤٢) - {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
(١) في (ر): "عنهم العلم"، وفي (ف): "عنهم" بدل: "علمهم".
(٢) في (ف): "فعلها".