وقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} أي: الجُهَّالُ الضُّعفاءُ العقولِ.
قال ابن عباس والبراء بن عازب رضي اللَّه عنهم: هم اليهود (١).
وقال الحسنُ: هم مشركو العرب (٢)؛ لمَّا حُوِّلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الكعبةِ مِن بيت المقدس، قالوا: يا محمَّدُ، رغبتَ عن قِبلةِ آبائك، ثمَّ رجعتَ إليها آنفًا، واللَّه لترجِعنَّ إلى دينِهم.
وقال السُّدِّيُّ: هم المنافقون، قالوا ذلك استهزاءً بالإسلام (٣).
وقوله تعالى: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} {مَا} كلمةُ استفهام بمعنى الاستنكار (٤).
وقوله {وَلَّاهُمْ} أي: صرفَهم، يقال: تولَّى عن كذا؛ أي: انصرفَ عنه، وولَّاهُ غيره؛ أي: صرفَهُ.
وقوله: {عَنْ قِبْلَتِهِمُ} أي: جهتهم التي يستقبلونَها في الصَّلاة، وأرادوا بها بيتَ المقدس.
وقوله {الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}؛ أي: على التَّوجُّه إليها.
وانتظامُها بما قبلَها أنَّه قال: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} البقرة: ١٣٠، وهم اليهودُ والنَّصارى، سمَّاهم سفهاءَ، وذكر بعدها آياتٍ فيما قالوا، ثمَّ أخبرَ أنَّ هؤلاء السُّفهاء يقولون هذا.
(١) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦١٦ - ٦١٧). وقول البراء رواه البخاري في "صحيحه" (٤٠)، (٣٩٩) مطولًا.
(٢) أورده الواحدي في "البسيط" (٣/ ٣٦٧).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦١٦)، وابن أبي حاتم (١/ ٢٤٧) (١٣٢٤).
(٤) في (ر): "الإنكار".