وقيل: العلمُ صلةٌ، ومعناه: ليكونَ اتِّباعُ المتَّبعين، وانقلابُ المنقلبين، كقول الشاعر:
لا أعرفنَّكَ بعد الموتِ تَنْدُبُني... وفي حياتيَ ما زوَّدْتَني زادِي (١)
المعنى: لا تَندُبْني بعد موتي، وهو كقولك: ما علمَ اللَّه هذا منِّي؛ أي: ما كان منِّي، ولو كان لعلم (٢) اللَّه.
وقيل: معناه: إلَّا لنُعامِلَكم معاملةَ مَن يَمتحِنُ ليُعلَم، ثمَّ هذا اللام، وإنْ دخلَت في العلمِ، فهي داخلةٌ في الاتِّباع معنًى؛ لأنَّ الابتلاءَ لكي يقعَ الفعلُ فيعلمَه اللَّهُ، لا للعلم (٣).
وتقديره: إلَّا ليتَّبعَ البعضُ الرَّسولَ، ويَنْقَلِبَ البعضُ، فيعلمَ اللَّهُ ذلك، وهو كقوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} محمد: ٣١؛ أي: حتَّى تُجاهِدوا وتَصبِروا، فيعلمَ ذلك، وهو كقولك: لا أسمعنَّ كلامَك، النَّهيُ عن السَّماع ظاهرًا، وحقيقتُه نهيٌ عن الكلام (٤)؛ أي: لا تتكلَّمَنَّ فأسمعَنَّ كلامَك.
وقوله تعالى: {مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} أي: في أمرِ القبلة {مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}؛ أي: ينصرفُ، يقال: قَلَبَهُ؛ أي: صرَفَهُ، فانقلَبَ؛ أي: انصرفَ.
والعقبُ مؤخَّر القدم، وقال الأصمعيُّ: العقبُ: ما أصابَ الأرضَ مِن مؤخَّرِ الرِّجلِ إلى موضع الشِّراك (٥).
(١) البيت لعبيد بن الأبرص، وهو في "ديوانه" (ص: ٤٨).
(٢) في (أ): "لعلمه".
(٣) في (أ) و (ر): "العلم".
(٤) في (ر) و (ف): "وحقيقة نهي الكلام" بدل: "وحقيقته نهي عن الكلام".
(٥) انظر: "الغريبين" للهروي (٤/ ١٣٠٥).