وقوله: {يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} مجازٌ عن الارتداد، وهو الرُّجوعُ عن الدِّين الحقّ.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} له ثلاثةُ وجوه (١):
أحدها: أنَّ {إن} للنَّفي، كما في قوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} الملك: ٢٠، واللَّامُ في {لَكَبِيرَةً} بمعنى: إلَّا، كما في قوله: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} الإسراء: ١٠٨؛ أي: ما كان وعدُ ربِّنا إلَّا مفعولًا.
والثاني: أنَّ {إن} مع اللام للتَّأكيد، و {إن} بمعنى: قد، واللامُ بمنزلةِ القسم، وتقديرُه: وقد كانت كبيرةً واللَّه.
والثالث (٢) أنَّ {إن} للتَّحقيق، يقول: لقيتُ فلانًا وإنْ كرهْتُ لقاءَه؛ أي: مع كراهتي للقائِه، وتقدير الآية: مع أنَّها كبيرةٌ إلَّا على المهتدين.
وقوله {كُنْتَ} كنايةٌ عن القِبلة، وهي المذكورةُ في الآية. وقيل: كنايةٌ عن مصدرٍ مؤنَّثٍ مدلولىٍ عليه غيرِ مصرَّحٍ به، وهو التحويلةُ، أو التَّوليةُ.
والكبيرةُ: الثقيلةُ، وقد مرَّ شرحُها في قوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}.
وقوله تعالى: {إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى} أي: على الذين وفَّقَهُم اللَّهُ لاتِّباعِ أمرِه، والانقيادِ لحكمِه، ومخالفةِ طبعه بموافقة شرعِه.
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} قال السُّدِّيُّ: لمَّا توجَّه النَّبيُّ إلى المسجدِ الحرام، اختلف الناسُ فيها، فكانوا أصنافًا، قال المنافقون: ما بالُهم كانوا على قبلةٍ، وما بالهم تركوها؟! وقالت اليهود: اشتاق محمَّدٌ إلى بلدِهِ ومولدِه.
(١) في (ف) و (أ): "أوجه".
(٢) من قوله: "أن إن مع اللام" إلى هنا من (أ).