وقيل: فاذكروني في الرَّخاء، أذكركُم في البلاء، فاذكروني بالمجاهَداتِ، أذكركُم بالمشاهدات.
وقوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} الشُّكرُ إظهارُ النِّعمةِ بالاعتراف بها، أو بعملٍ هو كالاعتراف في القيام بحقِّها، والكفر أن يسترَ نعمةَ المنعم بالجحود، أو بعملٍ هو كالجحودِ في مخالفة المنعم، ويقال: شكرتُه، وشكرتُ له، كما يقال: نصحتُه ونصحتُ له، وقال الشاعرُ:
هُمُ جَمَعوا بُؤسَى ونُعمَى عَليكُمُ... فهلَّا (١) شكرْتَ القومَ إذْ لم تُقاتِلِ (٢)
{وَلَا تَكْفُرُونِ} حذفت الياءُ مِن آخره، لتستويَ الفواصلُ، فهو كقول الشاعر:
ومِن شانِئٍ كالِسفٍ بالُه... إذا ما انتَسبْتُ له أَنْكَرَنْ (٣)
وقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي} أمرٌ بالقول، {وَاشْكُرُوا لِي} أمرٌ بالعمل، قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} سبأ: ١٣.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: وجِّهوا شكرَ نعمتي إليَّ، ولا تَشكروا غيري، ويَحتمل: وجِّهوا العبادةَ إليَّ، ولا تَعبدوا غيري (٤).
* * *
(١) في (أ): "فهلا" بدل من "وهل لا".
(٢) البيت لعمرو بن لجأ التيمي، نسبه له الفراء في "لغات القرآن" (ص: ٦٩ - ٧٠)، وأبو حيان في "البحر المحيط" (٣/ ١٢٦)، وهو في "معاني القرآن" للفراء (١/ ٩٢)، و"تفسير الطبري" (٢/ ٦٩٦)، و"الزاهر" لابن الأنباري (١/ ٩٦) دون نسبة.
(٣) البيت للأعشى، وهو في "ديوانه" (ص: ١٣٢) (طبعة الرضواني).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٥٩٥).