أفلم يبيِّن للمشركين كثرةُ القرون المهلَكين بمخالفة الأمر أن حالهم كذلك.
ويجوز أن يكون الفاعل هو القرآن، و {كَمْ} في موضع النصب لأنه مفعولٌ؛ أي: أفلم يبيِّن القرآنُ للمشركين كثرةَ مَن أهلكنا.
ومن ذلك العناية بالتقديرات عند القول بأن في الكلام حذفًا:
- ففي قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} الرعد: ٣٥ قال: قيل: جوابُه محذوفٌ في آخرِه، وهو: أَجَلُّ مَثَلٍ.
وقيل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ}؛ أي: صفةُ الجنَّة، كقوله: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} الروم: ٢٧، وعلى هذا فيه مُضْمَرٌ أيضًا، تقديرُه: صفةُ الجنَّة التي وُعِدَ المتَّقون أنها تجري مِن تحتِها الأنهارُ.
وقيل: الإضمار في أوَّلِه: وفيما يُتْلَى عليك مثلُ الجنَّةِ.
وقيل: إضمارُه: هذا مثلُ الجنَّة، ذكر وعدَ الأولياءِ بعدَ ذكرِ وعيدِ الأعداءِ.
- وفي قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} الأحقاف: ١٠ قال: وجوابُه محذوفٌ ها هنا؛ قال الزجَّاج: هو: أتؤمنون؟
وقيل: أفلا تكونون ظالمين؟! يدلُّ عليه ما بعده: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}: أي: ما داموا على ظُلْمهم.
- وفي قوله: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} القصص: ٦٤ قال: قيل: هاهنا مضمر: فوَدُّوا لو كانوا مهتدين إلى الإسلام في الدنيا.
وقيل: الإضمارُ في آخره: لو أنهم كانوا يهتدونَ لخرَجوا من العذاب الذي رَأَوا.