وقولُه تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: نزلَت في اليهود، دعاهم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الإسلام، فقالوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} (١)؛ أي: وجدنا، كما في قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} يوسف: ٢٥: أي: وجدا.
وقيل: نَزلَت في مشركي العرب لمَّا قيلَ لهم: لا تتَّبعوا خطواتِ الشَّيطان، واتَّبعوا القرآنَ في التَّحريم والتَّحليل.
وقوله تعالى: {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} من تحريم البحيرةِ وغيرِها.
وقوله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ} (٢) الواوُ حرفُ عطفٍ، دخلت عليها ألفُ التَّوبيخ، فبَقيت مفتوحةً، وطريقهُ أنَّه يتضمَّن ما إذا أقرَّ به افتضح.
وقال الزَّجَّاجُ: معناه: أو يتبعون آباءَهم وإن كانوا جهَّالًا؟ (٣)
وقوله تعالى: {لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا} مِن الدِّين، {وَلَا يَهْتَدُونَ} إلى الحقِّ، أضمرَ: "يتَّبعون آباءَهم" فيه، بدلالة الحالِ عليه.
* * *
(١٧١) - {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فيه مضمَرٌ؛ أي: ومثلُ واعظِ الذين
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٤٢).
(٢) بعدها في (أ): "لا يعلمون شيئًا ولا يهتدون".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٢٤٢).