وقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}؛ أي: ما حرَّمَ اللَّهُ السَّائبة (١) ونحوَها، وإنَّما حرَّم ما ماتَ مِن غير ذكاة.
قوله تعالى: {وَالدَّمَ}؛ أي: الدَّمَ المسفوحَ، نصَّ على ذلك في موضعٍ آخرَ (٢).
قوله تعالى: {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} وكلُّ أجزائه حرامٌ، وإنَّما خصَّ اللَّحمَ بالذِّكرِ؛ لأنَّه هو المعظمُ في قصدِ الأكل، ودخلَ فيه ما دونَه، كما في قوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} الجمعة: ٩ لمَّا كان هو معظم اشتغال النَّاس فيه؛ خصَّه بالنَّهي عنه، وحرَّم بذكرِه ما دونَه.
وقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}؛ أي: رُفِعَ فيه الصَّوتُ بذكرِ غيرِ اللَّه، وهو ما ذُبِحَ للأصنام، والإهلالُ: رفعُ الصَّوت بالتَّسميةِ، وكذلك بالتَّلبيةِ، وكذلك بذكرِ اللَّه عند رؤية الهلالِ، وبه سُمِّيَ الهلال، واستهلالُ الصَّبيِّ: رفعُ (٣) صوتِه عند الولادة.
ثمَّ لم يَذكر في هذه الآية سائرَ المحرَّمات؛ لأنَّها ليست لحصر المحرَّمات، بل هذه الآياتُ سِيقَت لنهيهِم عن تحريم ما أحلَّ اللَّهُ، وهو ما عددناهُ، ولنهيهِم عن استحلالِ ما حرَّمَ اللَّه، وهم كانوا يَستحلُّونَ هذه الأشياءَ، فكانوا يأكلون الميتةَ، ويقولون: تأكلونَ ما أمتُّم، ولا تَأكلون ما أماتَهُ اللَّهُ، وكذا كانوا يأكلون الدَّم، ولحمَ الخنزير، وذبائح الأصنامِ، فبيَّن أنَّه حرَّمَها.
وقيل: ذكرُ الميتةِ يَتناولُ المتردِّيةَ، والمنخنقةَ، والموقوذةَ، والنَّطيحةَ، وما أكلَ السَّبع، ومتروكَ التَّسميةِ عمدًا، ونحوها.
(١) في (ر) و (ف): "السائمة".
(٢) في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} الأنعام: ١٤٥.
(٣) في (أ): "رفعه".