فؤادُه، بالألف واللَّامِ بدلٌ عن الإضافة؛ كقوله: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النازعات: ٤١؛ أي: مأواه.
قلت: وهذا مذهبٌ كوفيٌّ، قال الفراء: والعربُ تجعل الألف واللام خَلفًا من الإضافة فيقولون: مررتُ عَلَى رجلٍ حَسَنَةٍ العَيْنُ قَبِيحٍ الأنفُ، والمعنى: حسنةٍ عَيْنُه قَبِيحٍ أنفهُ، ومنه قوله: {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} (١).
هذا قول الفراء، وأما البصريون فالتقدير عندهم: هي المأوى له (٢).
ومن ذلك أخذُه بمذهب الكوفيين في مسألةِ النصب على الصَّرف:
- كما في قوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران: ١٤٢ قال: هو نصبٌ على الصرف كما في قول الشاعر:
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلَه... عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم
قال: ومعنى الصرفِ: أنه مصروفٌ عن معنَى مطلقِ العطف، فإنه ليس معناه النهيَ عن إتيان مثله قصدًا كالنهي عن النهي عن خُلُق، بل معناه النهيُ عن الجمع بينهما، وكذا معنى الصرف في هذه الآية ليس هو مطلقَ نفي علمِ الصابرين كنفيِ علمِ المجاهدين، بل معناه نفيُ اجتماعهما.
قلتُ: وهذا أيضًا مذهبٌ كوفيٌّ، قال ابن الأنباريِّ: ذهب الكوفيُّون إلى أن الفعل المضارعَ في نحوِ قولكَ: (لا تأكلِ السمكَ وتَشْرَبَ اللبنَ) منصوبٌ على الصرف. وذهب البصريون إلى أنه منصوب بتقدير (أنْ)، وذهب أبو عُمَرَ الجَرْمِيُّ
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٤٠٨).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٥/ ٢٨١).