لإحدى ثلاثٍ ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحم (١)؛ إمَّا أن يُعَجَّلَ له في الدُّنيا، وإمَّا أن يُدَّخَرَ له (٢) في الآخرة، وإمَّا أنْ يُصرَفَ عنه من السُّوء بقدرِ ما دعا" (٣).
ومنها: أنَّ الإجابةَ وإن كانت مُطلَقة في هذه الآية، فقد قال تعالى في آية أُخرى: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} الأنعام: ٤١، علَّقها (٤) بالمشيئة.
ومنها: أنه شَرَطَ لهذه الإجابةِ إجابةَ العبدِ إيَّاه فيما دعاهُ إليه بقوله (٥) تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا} فإذا أخلَّ بهذه الإجابة، فاتتهُ تلك الإجابة.
وقوله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} قيل: أي: فليَستجيبوا لي في الظَّاهر، وليؤمنوا بي في الباطن.
وقيل: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} عملًا، {وَلْيُؤْمِنُوا بِي} عقدًا.
وقيل (٦): أي فليدوموا على إجابتي و (٧) الإيمان بي، والاستجابةُ والإجابةُ واحدٌ، كالاستنابة والإنابة، والإيقان والاستيقان، وقد قال الشاعر:
وداعٍ دعا يا من يُجيبُ إلى النَّدى... فلم يَستجِبْهُ عند ذاك مُجيبُ (٨)
(١) بعدها في (أ): "أو يستعجل".
(٢) لفظ: "له" من (ف).
(٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٨٨٢)، والطبراني في "الدعاء" (٣٧). ورواه بألفاظ قريبة ابن أبي شيبة (٢٩١٧٠)، وأحمد في "المسند" (١١٣٣)، والحاكم في "المستدرك" (١٨١٦).
(٤) في (ر): "علق الإجابة" بدل: "علقها".
(٥) في (ف): "لقوله".
(٦) في (ف): "قوله تعالى {وَلْيُؤْمِنُوا بِي} " بدل: "وقيل".
(٧) قوله: "إجابتي و" ليس في (ف).
(٨) البيت لكعب بن سعد الغنوي، كما في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٦٧)، و"الأصمعيات" =