وقوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا}؛ أي: (١) إلى الفقراء بإعطاء المال، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} إليهم.
وقيل: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: استَعِدُّوا، وأعِدُّوا لغيركم (٢)، وتَعاونوا، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}؛ أي (٣): لا تُخاطِروا بأنفسِكم فتبارزوا حيث تتيقَّنونَ أنَّكم تقتلون، ولا تَقدِرون أن تَنالوا منهم شيئًا (٤)، {وَأَحْسِنُوا} أي: أحسِنوا القتالَ إذا قَدَرتُم عليه، وأحسِنوا إلى أنفسِكم بحفْظِها عن الإلقاء في التَّهلُكَة من غير نفعٍ.
وقيل و هو مرويٌّ عن البراء بن عازب رضي اللَّه عنه: هو الرَّجلُ يُذنِبُ الذَّنْبَ فيُلقي بيديه، فيقول: لا يَغفرُ اللَّهُ لي أبدًا (٥). فمعناه على هذا: أنْفِقوا في طاعةِ اللَّه، ولا تُهلِكوا أنفسَكم بالقُنوط. وقيل: أي: بتركِ العملِ بعد ذلك، على اعتقادِه أنَّه لا تُقبَلُ توبتُه، ولا تَنفعُه طاعتُه.
وقوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: أحسنوا الظَّنَّ باللَّه تعالى.
وقيل: أي: أحسنوا العملَ للَّه تعالى، ولا تُهلِكوا أنفسَكم بمعصيةِ اللَّه تعالى.
وقيل: أي: افعلوا (٦) في العقل والشرع حُسنَه؛ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: الفاعلين ذلك.
وقال بعضُ أهل الحقيقة، وهو حسنٌ جدًا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أرواحَكم،
(١) نص العبارة في (ف): " {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أي: وأحسنوا" زيادة من (ف).
(٢) في (ر): "وأعدوا لعددكم" وفي (ف): "واستعدوا لغيركم" بدل: "أي استعدوا وأعدوا لغيركم".
(٣) لفظ: "أي" ليس في (أ).
(٤) بعدها في (أ): "وقوله"، وفي (ف): "قوله".
(٥) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٣١٩).
(٦) بعدها في (أ): "ما".