وقيل: معناه: وأتمُّوهما إذا شرعتُم فيها (١)، ولا تَتحلَلوا قبل التَّمام، إلَّا حالةَ الإحصار، ولذلك قال تعالى بعده: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}.
وانتظامُها بما قبلَها من هذا الوجه أنَّ سياقَ هذه الآيات في إحصار النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه بالحديبية.
قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أي: مُنِعتُم بمرضٍ أو عدوٍّ.
وقال الكسائيُّ: يقال: حصرَهُ العَدوُ يَحصُى حصرًا؛ أي: حَبسَهُ (٢)، وأحْصَرَهُ المرضُ إحصارًا (٣). وكذا قال أبو عبيد (٤).
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: فإنْ أحصرتم؛ أي قام بعيرٌ، أو مرضتم (٥)، أو ذهبَتْ نفقتُكم، أو فاتَكمُ الحجُّ، والمحصور: الذي جُعِلَ في بيتٍ أو سجنٍ (٦).
وقال الخليلُ بن أحمد: الحصر: الحبس، والإحصارُ أنْ يُحصَرَ الحاجُّ عن بلوغ المناسك بمرضٍ أو غيره (٧).
وعن جماعةٍ من الصَّحابة رضي اللَّه عنهم: مَن كُسِر أو عرجَ فقد أُحصِر، وهو مذهبُ أصحابِنا رحمة اللَّه عليهم (٨).
(١) في (ف): "فيهما".
(٢) "أي حبسه" زيادة من (أ) و (ف).
(٣) ذكره عن الكسائيِّ الثعلبيُّ في "تفسيره" (٢/ ٩٩).
(٤) في (ف) و (ر): "عبيدة".
(٥) في (ر): "أي منعتم بمرض"، وفي (ف): "بمرض" بدل: "أي قام بعير أو مرضتم".
(٦) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٦٩).
(٧) في (أ): "بغيره". وانظر "العين" للخليل" (٣/ ١١٣).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٣٣٥) (١٧٦٧) عن الحجاج بن عمرو الأنصاري مرفوعًا، وفي آخره تصديق ابن عباس وأبي هريرة له، وعلقه ابن أبي حاتم بعده عن ابن مسعود وابن الزبير =