الحجِّ، وهي في تسع ذي الحجَّة، إن شاءَ تابعَ (١)، وإن شاء فرَّقَ؛ لأنَّه مطلَقٌ.
وقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} أي: وعليكم صيامُ سبعةِ أيَّامٍ إذا رجعتُم من الحجِّ؛ أي: فرغتُم منه، وعند الشافعيّ -رحمه اللَّه- المرادُ به الرُّجوع إلى بلدِه، فلا يجوزُ صيام السَّبعةِ عنده قبل الرُّجوع إلى بلده (٢).
ثمَّ قولُه تعالى: {تَمَتَّعَ} على المغايبة؛ لأنَّه فعلُ "مَن" وقولُه تعالى: {فَصِيَامُ} أضمرنا فيه: فعليه؛ لأنَّه يرجعُ إلى من لم يجد، ثمَّ قولُه تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} خطابٌ للجمع؛ لأنَّ ابتداءَ الآيةِ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}، وتقديره: وأنتم متمتِّعون فعليكم ذلك، فالتوحيدُ والمغايبةُ يرجعان إلى المعترِض بينهما من كلمة "مَن"، والخطابُ والجمعُ يرجعان إلى المذكورينَ في أولها.
وقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}؛ أي: تامَّةٌ في البدلِ عن الهديِ لا نقصان فيها.
وقيل: أي: تامَّة في الثَّواب كثواب الهَدي، لا تَنقصُ عنه.
وقيل: أي: تامَّةٌ في حصول ثوابِ القِران بينهما، من غير تَحلُّلٍ بينهما.
وقيل: أي: تامَّةٌ في المعنى الذي جُعِلْتَ له، فتمتَّع (٣) فلا حاجةَ إلى شيءٍ آخرَ، فقال: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} بعدَها؛ لأنَّه لمَّا قال: {ثَلَاثَةِ}، ثم قال: {وَسَبْعَةٍ} كان يُتوهَّمُ أنَّه يُضَمُّ إليهما شيءٌ آخر، فقال: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}؛ إعلامًا أنَّ هذا العدد قد تمَّ، ولأنَّه تعالى لو قال: فعليه صيامُ عشرةِ أيَّامٍ كاملةٍ؛ ثلاثةٌ في الحجِّ، وسبعةٍ إذا رجع، استقام، فكذا إذا قدَّم الثلاثةَ والسبعةَ وأخَّر الجملةَ.
(١) بعدها في (ر): "ذلك".
(٢) انظر: "المجموع" للنووي (٧/ ١٨٥).
(٣) لفظ: "فتمتع" ليس في (أ).