وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} هي أيَّامُ التَّشريقِ، وهي أيَّامُ رميِ الجِمار، وهي ثلاثةٌ بعدَ اليوم العاشر من ذي الحجَّة (١)، وهو أمرٌ بالتَّكبير وغيرِه عند رميِ الجِمار فيها.
وقيل (٢): هو أمر بالتَّكبير في أدبار الصَّلوات.
وقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ}؛ أي: تعجَّلَ بالرُّجوع، واكتفى برميِ الجِمارِ في يومين من (٣) هذه الأيَّام الثَّلاثة، فلم يمكثْ حتى يَرمي في اليوم الثَّالث.
قوله تعالى: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}؛ أي: لا يأثمُ بهذا التَّعجيل، وهو مرخَّصٌ له.
وقوله تعالى: {وَمَنْ تَأَخَّرَ}؛ أي: رمى في الثَّلاثة الأيام، ثم رجع.
وقوله تعالى: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}؛ يقال: إنَّه قال في المتعجل: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، ولم يقيِّدهُ بشرطِ التقوى، وقال في المتأخِّر: {لِمَنِ اتَّقَى}، والأوَّل (٤) أخذَ بالرُّخصة، والثَّاني (٥) بالعزيمة، فكان اشتراطُ التَّقوى زيادةً على عمله هناك أولى، فلمَ جاء النص بخلافه؟
قلنا: معنى الأول: فلا إثمَ عليه بالتَّعجُّل (٦)، ومعنى الثاني: فلا يبقى عليه إثمٌ مِن آثام عمره إذا اتَّقى اللَّهَ تعالى في هذا الحجِّ، فإنَّه يُتقبَّلُ منه؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة: ٢٧، والحجُّ المبرورُ يُكفِّرُ كلَّ ذنبٍ.
(١) في (أ): "من حجة الوداع" بدل: "ذي الحجة".
(٢) من قوله: "وهو أمر بالتكبير وغيره" إلى هنا من (أ).
(٣) في (ر): "أي: في" بدل: "من".
(٤) في (ف): "فالأول".
(٥) بعدها في (ر): "أخذ".
(٦) في (ر) و (ف): "بالتعجيل".