وقيل في نزوله: إنَّه كان يتعجَّل بعضُهم، ويتأخَّرُ بعضُهم، فيَعيبُ هذا على هذا، وهذا على هذا، فنزلَت الآيةُ أنَّه لا عيب على متعجِّل ولا على متأخِّر.
ثم قوله: {لِمَنِ اتَّقَى} فيه ثلاثةُ أقاويل:
قال أبو العالية: أي: يَجيءُ يومَ القيامة ولا إثمَ عليه، إذا اتَّقى (١) فيما بقيَ مِن عمره، فلم يَرتكب ذَنبًا (٢) بعد ما غُفِرَ له في الحجِّ (٣).
وقيل: لمن اتَّقى قبل الحجِّ، فحجَّ وهو مُتَّقٍ؛ فأمَّا المذنبُ المصِرُّ إذا حجَّ فلا يُقبَلُ منه.
وقيل: لمن اتَّقى محظوراتِ إحرامِه، فلم يُذنِب ذنبًا في حجَّتِه (٤)، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حجَّ ولم يرفث ولم يفسق، رجعَ كما ولدته أمه" (٥).
وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: في أوامرِه ونواهيه.
وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}؛ أي: تُبعثونَ وتُجمَعون وتُجزَون بما كنتم تعمَلون.
* * *
(٢٠٤) - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}.
(١) بعدها في (ر): لفظ الجلالة "اللَّه".
(٢) في (ف): "دنسًا".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٥٦٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٣٦٣) (١٩٠٨).
(٤) في (أ): "حجه".
(٥) رواه البخاري (١٥٢١)، ومسلم (١٣٥٠) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.