الشُّبَهِ، والمنافقون موصوفون بذلك في قوله تعالى (١): {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} الآية البقرة: ١١.
وقوله تعالى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} قيل: هو نهايةُ وصفٍ له بالفساد، وهو في غاية الفصاحة، فإنَّ قيامَ الدُّنيا بما يَخرجُ مِن الأرض ومن الأنثى، فإذا انْقَطعا، خربت الدُّنيا، وهذا كما قال تعالى في وصف الجنَّة: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} الزخرف: ٧١، وهو نهايةُ ما في الجنَّة مِن النِّعمة، وقال تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} النازعات: ٣١، وهو نهايةُ ما في الأرض من العطيَّةِ.
وقيل في قوله تعالى: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}: أي: يُهْلِكَ الأمَّهاتِ والأولاد، فإنَّ النساءَ حرثٌ.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} أي: لا يَستحْسنُه ولا يَرضاهُ.
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ}؛ أي: إذا خُوِّفَ هذا المنافقُ باللَّه تعالى.
قوله تعالى: {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}؛ أي: حملتهُ حميَّتُه وعزَّتُه في نفسِه على ردِّ (٢) النُّصح، وإظهارِ الغضبِ، والإصرارِ على الفساد، ومنه قوله تعالى: {فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} ص: ٢؛ أي: حميَّةٍ وعداوة.
والباء على هذا صلةُ: {أَخَذَتْهُ}، ولا فرقَ بين قولك: أخذتهُ بِكذا، وحملتُه على كذا.
وقيل: معناه: {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ}؛ أي: لَزمتهُ الحميَّةُ وعزَّةُ النَّفسِ، وتمَّ الكلام، كما
(١) بعدها في (ف): "ليفسد فيها".
(٢) في (ر) و (ف): "أداء"، وهو تحريف.