ويجوزُ أن يكونَ أرادَ بالنِّعمةِ دينَ الإسلام، وتبديلُهم إيَّاها: كفرُهم.
ويجوزُ أن يكونَ المرادُ بالنِّعمة محمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال اللَّهُ تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} النحل: ٨٣.
وإنَّما خصَّ بني إسرائيلَ بالسُّؤال عنهم لوجهين:
أحدُهما: لزيادة اليقين (١) للصحابة إذا سمِعوا مِن علماءِ بني إسرائيلَ ما يُوافِقُ خبرَ نبيِّهم.
والثاني (٢): لزيادة الحجَّة على مَن لم يُؤمِن مِن بني إسرائيل، وهذا على قولِ مَن يقول: إنَّ الأمرَ بالسُّؤال كان من عبدِ اللَّه بنِ سَلام وأصحابِه الذين أسلموا.
وقيل: لم يرد به حقيقةَ السؤال، ومن المعتاد إذا أراد الواحدُ منَّا توبيخَ أحدٍ (٣)، وأن يُلزِمَهُ الحجَّةَ، ويُبَيِّنَ كفرانَه النِّعمةَ، ويُوقِعَ به النِّقمة، يقول (٤) لمن حضره: سَلْهُ كم أنعمتُ عليه، وكم حذَّرتُه، لا يريدُ به حقيقةَ السُّؤال، لكن يريد به ما قلنا.
وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} لِمن بدَّلَ النِّعمةَ في الدُّنيا والآخرة، وقد عاقَبهم في الدُّنيا بالقتل، وذلك في بني قريظة، وبالإجلاء، وذلك في بني النَّضير، ويوم القيامة يُعذَّبون في السَّعير.
* * *
(١) في (أ): "يقين".
(٢) من هنا خرم في النسخة (ف)، ينتهي عند قوله: "أوصله إليه بسهولة" ضمن تفسير الآية (٢١٩) من هذه السورة.
(٣) في (ر): "آخر".
(٤) في (ر): "بقوله".