أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} (١)؛ أي: قل يا محمَّد: أيَّ شيءٍ أنفقتُم من مالٍ، والمالُ يُسمَّى خيرًا، كما هو في قولِه تعالى: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} فصلت: ٤٩، وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} العاديات: ٨، وإنَّما سمَّاه اللَّهُ تعالى هاهنا خيرًا؛ لأنَّه مذكورٌ في موضع الصَّرف إلى الخير.
وقوله تعالى: {فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} مرَّ تفسيرُ هذه الكلمات.
وقيل: كان هذا للإيجابِ، ونسخَها الأمرُ بالزَّكاة.
وقيل: كان هذا (٢) للاستحبابِ، وهو باقٍ.
وقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} "ما" كلمةُ شرطٍ، ولذلك جزمَ به، وعلامةُ الجزمِ حذفُ النُّون، وجزاؤه قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}؛ أي: ما عملتُم مِن طاعةٍ فاللَّهُ عليمٌ بثوابه، وإذا ذُكِر هذا في عملِ الشَّرِّ، فمعناه: فاللَّه (٣) عليمٌ بعقابِه، وذكرُ العلم بعد العمل (٤) أبلغُ وعدٍ ووعيد، وأعلى بشارةٍ وتهديد.
* * *
(٢١٦) - {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}؛ أي: فُرِضَ عليكم الجهادُ المذكورُ قبل هذا بآيةٍ.
(١) انظر "تفسير مقاتل" (١/ ١٨٣).
(٢) لفظ: "هذا" من (أ).
(٣) في (ر): "اللَّه".
(٤) في (ر): "العلم".