مِن العُيوب، فالذُّنوبُ ظاهرةٌ، كالسَّرقة والزِّنى وشُربِ الخمر، والعيوبُ باطنةٌ، كالحقدِ والغِلِّ والحسدِ وسوءِ الخُلُق، وقدَّم التوَّابين، تسكينًا للعُصاةِ حتَّى لا يَقنطوا، كما قيل في تقديم الظَّالِم على المقتصدِ والسَّابق (١).
وقيل: لأنَّ التوَّابين أكثرُ مِن المتطهِّرين الذين يَبقونَ على الطَّهارة، فلا يتلوَّثون بذنبٍ، والأكثر يُبدَأُ به، كما في قوله تعالى: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} التغابن: ٢، وفي قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} الآية فاطر: ٣٢.
* * *
(٢٢٣) - {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (٢) أي: مَحْرَثٌ ومَزْرَعٌ للأولاد، سُمِّيَ موضعُ الفعل بالفعل، كالبيت سُمِّي به؛ لأنَّه موضعٌ يُباتُ فيه، وقال الشاعرُ يصفُ امرأتَهُ بأكل الجراد:
إذا أكلَ الجرادُ حروثَ قومٍ... فحَرثي همُّه أكلُ الجرادِ (٣)
ووحَّدَ الحرثَ مع ذكرِ جماعةِ النِّساء؛ لأنَّه في الأصل مصدرٌ.
وقوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} أي: موضعَ حرثِكُم، وهو الفرجُ؛ لأنَّه موضعُ الولد دونَ الدُّبر.
(١) في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} فاطر: ٣٢.
(٢) بعدها في (ر) و (ف): {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.
(٣) البيت دون نسبة في "تهذيب اللغة" (٤/ ٤٧٧ - ٤٧٨)، و"إعراب ثلاثين سورة" لابن خالويه (ص: ٢٢٤)، و"تفسير الثعلبي" (٢/ ١٦٢)، و"التفسير البسيط" للواحدي (٤/ ١٨٢).