وقوله تعالى: {وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا} عطفٌ على الأوَّل.
وقيل: هو صلةُ {عُرْضَةً}؛ أي: لا تجعلوا اليمينَ باللَّه تعالى مانعةً عن أنْ تَبرُّوا وتتَّقوا وتُصلِحوا، وعلى هذا لا يُضمَرُ فيه "لا".
وهذا خطابٌ لمن حَلف لا (١) يُكلِّمُ أبوَيهِ، أو على شيءٍ في فعلِه تقوى اللَّه، أو على إصلاحٍ بين المتهاجرين، أو حُكمٍ بين اثنين حكَّماهُ، وحلفَ ألَّا يَحكُمَ بينهما، فلا ينبغي له أنْ يَدومَ على ذلك، بل يُحنِّثُ نفسَه، ويُكَفِّر، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حلفَ على يمينٍ، فرأى غيرَها خيرًا منها، فليأتِ الذي هو خيرٌ، ثم ليُكفِّر عن (٢) يمينِه" (٣).
وقيل على القولِ (٤) الذي هو منعٌ عن اليمين باللَّه في كلِّ شيء: أي: لا تَحلفوا باللَّه في كلِّ حقٍّ وباطل؛ لأن تبرُّوا وتَتَّقوا وتُصلِحوا بين النَّاس؛ أي: لتكونوا بتركِ النَّهيِ عن اليمينِ مِن الأبرار المتَّقين المُصْلِحين.
وقيل: تمَّ الكلامُ بقوله: {لِأَيْمَانِكُمْ}، وقولُه تعالى: {أَنْ تَبَرُّوا} ابتداءٌ، ومعناه: البرُّ والتَّقوى والإصلاحُ بين النَّاسِ أولى.
وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما قال: معناهُ: لا تحلفوا باللَّه كاذبين لتُروا النَّاسَ أنَّكم صادقون، والناسُ لا يَعلمون الغيبَ، واللَّهُ يَعلمُ ذلك.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} (٥)؛ أي: لأيمانكم {عَلِيمٌ} أي: بنِيَّاتِكم (٦)، وهذا وعيدٌ.
(١) في (ر) و (ف): "أن لا".
(٢) لفظ: "عن" ليس في (أ).
(٣) رواه مسلم في "صحيحه" (١٦٥٠): (١٣) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) في (أ): "الأول".
(٥) بعدها في (ف): "عليم سميع".
(٦) في (ف): "لنياتكم".