(٢٢٥) - {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ} (١) المؤاخذةُ مفاعلةٌ مِن الأخذ، وهي المعاقبة هاهنا.
وقوله تعالى: {بِاللَّغْوِ}؛ أي: السَّاقِطِ الباطل، يُقال: لغا الشيءُ يلغو؛ أي: سقطَ وبطلَ، وألغيتُه؛ أي: أسقطتُه وأبطلتُه، واللَّغوُ مِن الكلام، واللَّغوُ في الحساب مِن ذلك.
وقوله تعالى: {فِي أَيْمَانِكُمْ} هي جمعُ يمين، وهي الحَلِف، وسُمِّيَت بها لمعنيين:
أحدهما: أنَّه من اليمين التي هي اليدُ اليمنى، وكانوا إذا تحالَفوا في العهودِ، تصافحوا بالأيمان، فسُمِّيَت بذلك.
والثاني: أنَّ اليمينَ هي القوَّة، قال اللَّه تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ}، وسُمِّيَت به؛ لأنَّ الحالِفَ يَتقوَّى بيمينِه على حفظِ ما حَلَفَ عليه من فعلٍ أو ترك.
ومعنى قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}؛ أي؛ لا يُعاقِبُكم بما سقطَ وبَطَلَ اعتبارُه مِن أيمانكم، ولذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: يتَّصلُ بما قبلَه؛ أي: باليمينِ التي حلفتُم على تركِ برٍّ أو تقوى أو إصلاح، ثمَّ حَنَّثتُم أنفسَكم، وكفَّرتُم، فقد أبْطلتُم وأسقطتم حكمَها، فلا تَبقى بها مؤاخذةٌ.
والثاني -وهو قولنا- وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أنَّه (٢)
(١) بعدها في (ر): {بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}، وفي (ف): "باللغو".
(٢) بعدها في (ف): "قال".