وقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}؛ أي: مَن أمسكَها ضِرارًا فقد أضرَّ بنفسِه، حيث جعلَها مستحقَّةً للوعيد.
وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} فيه أقاويل:
قيل: أي: لا تَستخِفُّوا بآياتِ القرآن التي فيها أمرُه ونهيُه، ووعدُه ووعيدُه، وأحكامُه، ولا تخالِفوها؛ فإنَّ مَن فعلَ ذلك فقد اتَّخذَها هزوًا؛ أي: سخريةً؛ فإنَّها كانت للقَبول والعملِ بها.
وقيل: هذه الآياتُ التي في أحكامِ الأزواجِ فيها بيانُ (١) مصالحِ دينِكُم ودُنياكم، فلا تَتهاونوا بها، ولا تُعرِضوا عن العملِ بها، فتفوتَكم المصالحُ المتعلِّقةُ بها.
وقيل: أي: الطَّلاقُ والرَّجعةُ والنِّكاحُ وسائرُ التَّصرُّفات شُرِعَت لمصالحَ تعلَّقَت بها؛ فالنِّكاحُ للسَّكَن وغيرِه، والطَّلاقُ للتَّخلُّصِ، والرَّجعةُ للتَّداركِ، فإذا نَكحتُم لا للسَّكن، ورَاجعتُم لا للتَّداركِ، وطلَّقتُم لا للتَّخلُّص، بل راجعتُم مرارًا تعنتًا وضِرارًا، فقد اتَّخذتُم آياتِ اللَّه هُزُوًا؛ باستعمالِ التَّصرُّفات لا لأغراضها، ويوضحهُ روايةُ أبي موسى الأشعريِّ رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال (٢): "ما بالُ قومٍ يَلعبونَ بِحدود اللَّه؟ يقولُ أحدُهم لامرأتِه: طلَّقتُك، راجعتُك" (٣).
وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} يجوزُ أن تكونَ النِّعمةُ للعموم، فيَتناولُ الكُلَّ، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} النحل: ١٨.
وقيل: المرادُ هاهنا: واذكروا إنعامَ اللَّه عليكم بتعليمِ ما جهِلتُم.
(١) لفظ: "بيان" من (أ).
(٢) "أنه قال" من (ر).
(٣) رواه ابن ماجه في "سننه" (٢٠١٧).