يتضرَّر بالرَّابِّ؛ فإنَّه يَنظرُ إليه شَزرًا، وينفقُ عليه نَزْرًا، كما ورد في الحديث (١).
وقوله تعالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} إنَّما وصفَهما؛ لأنَّه قد يُقال: حولان لحولٍ وبعضِ الآخر، وإذا (٢) قيِّدَ بالكاملين، لم يَقع على ما دونَ الحولين الكاملين.
ثمَّ قولُه تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} التي هي (٣) المدَّةُ التَّامَّهُ التي ليس للأبِ وحدَه أنْ يُنقِصَ عنها، ويَمنعَ أجرَ الإرضاع إليها، ولا للأم أنْ تزيدَ عليها، فتطلبَ أجرَ الإرضاع على ذلك بغير رضا الأب، ودلَّ هذا على أنَّ النُّقصانَ عن ذلك والزيادةَ عليه بالتَّراضي عند وقوع الكفايةِ بما دونَها ووقوع الحاجة إلى الزيادة: جائزان، حيثُ علَّق ذلك بالإرادةِ.
ثمَّ اختُلِفَ في مدَّة الإرضاعِ التي يَثبتُ فيها حكمُه، قال أبو يوسف ومحمَّدٌ والشَّافعيُّ رحمهم اللَّه: يَثبتُ إلى حولينِ، ولا يَثبتُ بعد ذلك.
وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه: يثبتُ إلى سنتين ونصفِ سنة (٤).
وقال زفرُ رحمَه اللَّه: يَثبُتُ إلى ثلاث سنين، ودلائلُها تُعرفُ في (٥) كتبِ الفقه.
وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}؛ أي: على الأب، وأريدَ به الجمعُ، {رِزْقُهُنَّ}: طعامهنَّ، {وَكِسْوَتُهُنَّ}: لباسهن، وهذا على طريقِ الأجر؛ لأنَّهنَّ يَحتجنَ إلى ما يُقِمنَ به أبدانهنَّ؛ لأنَّ الولدَ إنَّما يَغتذي باللَّبن، وإنَّما يحصلُ
(١) لم أقف عليه.
(٢) في (ر): "فلما".
(٣) في (أ): "أي هذه" بدل: "التي هي".
(٤) لفظ: "سنة" من (أ).
(٥) في (ف): "من".