وروي أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قيل له: إنَّ الرجلَ يُقاتِلُ ليغنمَ، ويُقاتِلُ ليُذكرَ، ويُقاتِلُ ليُرى مكانُه، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن قاتلَ لتكون كلمةُ اللَّه هي العُليا فهو الذي يقاتل في سبيل اللَّه" (١).
وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي: لا تَقولوا كما قال هؤلاء الملأ: نَخرجُ مِن ديارنا لنَسلمَ مِن الموت، ولا تُضمِروا ما أضْمَروه مِن اعتقادِ الخَلاص بالفِرار؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى سميعٌ عليم (٢)؛ يَسمعُ ما يُقال، ويَعلمُ ما يُضمَر.
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيريُّ رحمه اللَّه: يعني: إنْ مسَّكُم ألمٌ، فتصاعدَ منكم أنينٌ، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} لأنينِكم، {عَلِيمٌ} بأحوالِكم، والآيةُ توجبُ عليهم تسهيلَ ما يقاسونَهُ مِن الألم، قال قائلُهم:
إذا ما تمنَّى النَّاسُ روحًا وراحةً... تمنَّيتُ أنْ أشكو إليكَ وتَسمعُ (٣)
* * *
(٢٤٥) - {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
وقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} أمرَ بالقتال في سبيلِ اللَّه تعالى، ويُحتاجُ فيه إلى المال، فحثَّ على الصَّدقة ليتهيَّأ أسبابُ الغزاة.
وقوله: {مَنْ ذَا} استفهامٌ بمعنى الأمرِ، و {ذَا} إشارةٌ إلى المقرِضِ، وهو
(١) رواه البخاري في "صحيحه" (٢٨١٠)، (٣١٢٦)، ومسلم في "صحيحه" (١٩٠٤): (١٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٢) قوله: "سميع عليم" ليس في (أ).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ١٨٩).