كلمةُ تكثيرٍ، و {مِنْ} كلمةُ تأكيدٍ، والفئةُ: الطَّائفة، وأصلُها من: فَأوْتُ رأسَه فأوًا؛ أي: قطعتُه، والطَّائفةُ من الناسِ قطعةٌ منهم.
وقيل: هي من الفَيءِ، وهو الرُّجوعُ، وهم قومٌ يَرجعونَ إلى أمرٍ واحدٍ، ويُرجَعُ إليهم في الانتصار بهم.
وعلى الأوَّل حُذِفَ المُعتَلُّ مِن آخِره، وعلى الثَّاني حُذِفَ مِن حشوِه.
وقولُه تعالى: {بِإِذْنِ اللَّهِ}؛ أي: بتغليبِ اللَّه تعالى، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} آل عمران: ١٤٥؛ أي: بإماتةِ اللَّه.
وقيل: معناه هاهنا: بنصرة اللَّه.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} أي: فاصبروا؛ فإنَّ اللَّهَ معين الصَّابرين وحافظُهم.
وقال مقاتل: قالت العُصَاةُ الذين وقعوا في النهر: {لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}، وقال أصحاب الغُرفة في الردِّ عليهم: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (١).
وقال مقاتلُ بنُ حيَّان: كان فَصلَ طالوتُ بالجنود، وهم سبعون ألفًا، فأطاعَهُ في النَّهرِ أربعةُ آلاف، ونافقَ ستَّةٌ وستُّون ألفًا، فلمَّا {قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} نافقَ أربعة آلاف إلَّا ثلاث مئةٍ وثلاثةَ عشرَ رجلًا (٢).
* * *
(١) انظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (١/ ٢٠٨).
(٢) لفظ: "رجلًا" من (ر).