وقوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ}: أي: من الرسلِ مَن كلَّم اللَّهُ وهو موسى عليه الصلاة والسلام، قال اللَّه تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} النساء: ١٦٤؛ أي: خاطبه اللَّه بكلامه الأزليِّ بلا واسطةٍ.
وقوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}: أي: مراتبَ.
{بَعْضَهُمْ} مفعولٌ لـ {وَرَفَعَ}، و {دَرَجَاتٍ} منصوب على التفسير، وقيل: منصوبٌ بنزعِ (إلى)، يعني: إلى درجاتٍ، كما قال تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} يعني (١): إلى مكانٍ عليٍّ.
وقيل: {دَرَجَاتٍ} مفعولٌ و {بَعْضَهُمْ} منصوبٌ بنزعِ الخافض وهو (٢) اللام؛ أي: لبعضهم درجات.
وقيل: هذا موصولٌ بقوله: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ورفعنا بعضهم درجات، وفسَّر ذلك بذكر بعضهم فقال: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} وهذا مقدَّمٌ في النَّظْم مؤخَّرٌ في المعنى.
وقيل: بل كلُّ كلامٍ مقرَّرٌ (٣) في موضعه، وقوله (٤): {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ليس في أصل الرسالة، فقد قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: "لا تفضِّلوني على أخي يونس" (٥)، وأراد به: في مقام الرسالة، ثم قال: "أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخرَ" (٦)
(١) في (ف) و (أ): "أي".
(٢) "الخافض وهو": من (أ).
(٣) في (ر) و (ف): "مقدر".
(٤) في (أ): "قوله".
(٥) لم أجده مسندًا بهذا اللفظ، ورواه البخاري (٣٤١٣)، ومسلم (٢٣٧٧)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما بلفظ: "ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى"، وروى البخاري (٣٤١٤)، ومسلم (٢٣٧٣)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه: "لا تفضلوا بين أنبياء اللَّه".
(٦) رواه الترمذي (٣٦١٥) وصححه من حديث أبي سعيد رضي اللَّه عنه، وهو في "صحيح البخاري" =