وقوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} الأخذ: الإصابة، والسِّنَة: النُّعاس، وأصلها: وَسْنةٌ، وصرفُه: وَسِنَ يَوْسَنُ وَسَنًا وسِنَة (١)، فهو وَسْنانُ ووَسِنٌ، من بابِ عَلِم، والنومُ تمامه وانتهاؤه.
أي: لا يعتريهِ ما يعتري المخلوقينَ من السَّهو والغَفْلةِ والملالِ والفترة في حفظ ما هو قائمٌ بحفظه، ولا يَعْرِضُ له عوارِضُ التعبِ المحوِجةُ إلى الاستراحة فيستريحَ بالنومِ والسِّنَة.
وقوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي: كلُّ مَن فيهما وما فيهما ملكُه، ليس لأحدٍ معه فيه شركة ولا لأحدٍ عليه سلطان، فليس (٢) يجوز أن يُعبد غيره كما ليس لعبدِ أحدكم أن يخدم غيرَه إلا بإذنه.
وقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} استفهامٌ بمعنى النفي؛ أي: ليس لأحد أن يَشفع عنده لأحدٍ إلا بإذنه، وقد أَخبر أنه لا يأذَنُ في الشفاعة (٣) للكفار، وهو ردٌّ على المعتزلة في أنهم لا يرون الشفاعة أصلًا، واللَّه تعالى أثبتَها للبعض بقوله عز وعلا: {إِلَّا بِإِذْنِهِ}.
وقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}: أي: يعلمُ اللَّه تعالى ما بين أيدي هؤلاء الذين يرجو الكفارُ شفاعتَهم يوم القيامة، وهم الملائكةُ أو غيرُهم، ويعلم ما خلْفَهم.
يحتمِل: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} بعد انقضاء آجالهم {وَمَا خَلْفَهُمْ}: ما كان قبل
(١) في (أ): "سنة ووسنا" بدل: "وسنا وسنة".
(٢) في (أ): "فلن".
(٣) في (أ): "بالشفاعة".