وقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} انتظامُها بما قبلها: أنه قال: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} ثم ذكر حال الكفار يومَ القيامة، ثم ذكر لأهل الإيمان أساسَ التوحيد الذي يقع به الأمنُ من ذلك الوعيد (١) فقال: {اللَّهُ} وهو مبتدأ، وخبره: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} بكلمة {هُوَ} العائدةِ إليه، كقولك: زيدٌ لا مُضيفَ لنا إلا هو.
وقيل: خبره {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، و {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} معترِضٌ بينهما، وهو كلامٌ تامٌّ.
ثم قوله: {اللَّهُ} إثباتٌ لذاته و {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} نفيُ الألوهيَّة عن (٢) غيره.
وقوله تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}: هذا إثباتُ صفات (٣) الحقِّ له، فهو الحيُّ الذي لا يموت، وله حياة أزلية (٤).
و {الْقَيُّومُ}: فيعولٌ من القيام، ومعناه: الدائم الباقي.
وقيل: هو القائم بذاته لا بغيره.
وقيل: هو القائم بتدبير كلِّ خلقه، قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} الرعد: ٣٣.
وقيل: هو العالم بالأمور.
وقال سعيد بن جبير رحمه اللَّه: هو الدائم الوجود.
وقال الحسن هو القائم على كل نفس بما كسبت، حتى يجازيها بعملها من حيثُ هو عالمٌ به لا يخفى عليه منه شيء (٥).
(١) في (أ): "يوم القيامة ثم ذكر لأهل الإيمان ذلك الوعد"، بدل: "من ذلك الوعيد".
(٢) في (ر): "نفي ألوهية".
(٣) في (أ): "لصفات"، وفي (ف): "الصفات".
(٤) في (أ): "الأبدية الأزلية".
(٥) ذكر القولين الماوردي في "النكت والعيون" (١/ ٣٢٣).