(٢٦٠) - {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} ذكرْنا انتظامَها بما قَبْلَها، و (إذ) ظرفٌ، ومعناه: واذكُرْ يا محمدُ حين قال إبراهيم الخليل: ربِّ؛ أي: ياربِّ، وقد يُحذف حرفُ النداء كما في قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} يوسف: ٢٩، وتُحذف ياءُ الإضافة في النداء أيضًا تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وعلى هذا قولهم: يا نَفْسِ، يا قومِ.
وقولُه تعالى: {أَرِنِي} سؤالٌ على صيغة الأمر من الإراءة وهي التبصُّر، وسببُ سؤاله ذلك فيه أقاويل:
قال محمد بن إسحاق: السبب الداعي إلى ذلك أنَّه لمَّا جرى بينه وبين نمروذ (١) من المناظرة وقال نمروذ: أنا أُحيي الموتَى وأُميتُ، سأل ربَّه أن يُرِيَه ذلك ليَعلم نمروذ أن إحياء الموتى من اللَّه هو ردُّ الأرواح إلى الأجساد لا إطلاقُ المحبوس (٢).
وقال السدِّيُّ رحمه اللَّه: لمَّا جاءته البشرى (٣) بالخُلَّةِ سأل ربَّه جلَّ وعلا دليلًا يستيقن به أنه اتَّخذه خليلًا (٤).
ورُوي أن جبريل عليه الصلاة والسلام قال لإبراهيم صلوات اللَّه عليه: إن اللَّه
(١) في (أ) و (ف): "نمرود"، وكذا في المواضع الآتية، والمثبت من (ر)، وكلاهما صواب.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٦٢٦)، وانظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٨٦).
(٣) في (أ): "البشارة".
(٤) رواه الطبري مطولًا في "تفسيره" (٤/ ٦٢٧).