يَدَّخر عملَه حيث لا ينمو، ويُلقي بذرَه حيث لا يَنبت؛ لأنَّ الصفوانَ مستودعُ عمله ومزروعُ بذره، وإذا أصابه مطرٌ جَودٌ (١) بقيَ مستودعُ عملِه خاليًا لا شيءَ فيه.
* * *
(٢٦٥) - {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
وقوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}: أي: لطلبِ رضاه.
وقوله تعالى: {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: قيل: تحقيقًا مِن أنفسهم لِمَا يُنفقونه، حتى يستويَ ظواهرُهم وبواطنُهم في أنَّه لابتغاءِ مرضاةِ اللَّهِ تعالى لا لرياءِ الناس، ولا يكونَ فيه مَنٌّ ولا أذًى، وهو معنى قولِ مقاتل: وتثبيتٌ مِن أنفسهم؛ أي: وتصديق مِن قلوبهم (٢).
وقيل: تثبيتًا مِن أنفسهم؛ أي: تقويةً لليقين وتبصرةً في الدِّين، وهو معنى قول الشعبيِّ والسديِّ وأبي صالح وابنِ زيد (٣).
وقيل: أي: يتثبَّتون أين (٤) يضعون صدقاتهم، وهو قول ابنِ عباس رضي اللَّه
(١) أي: غزير.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٢١)، وفيه: "وتثبيتًا. . . وتصديقًا. . . ".
(٣) انظر: "النكت والعيون" (١/ ٣٣٩)، والآثار رواها الطبري في "تفسيره" (٤/ ٦٦٨ - ٦٦٩).
(٤) في (أ): "يتثبتون أي"، وفي (ف): "أي يثبتون أي"، وفي (ر): "يثبتون أي". والصواب المثبت. انظر: "تفسير الطبري" (٤/ ٦٦٩ - ٦٧٠)، وقد روى الطبري هذا القول بهذا اللفظ عن مجاهد والحسن، واستبعده لأنه لو كان التأويل كذلك لكان يجب أن يكون لفظ الآية: (وتثبتًا من أنفسهم) كما قال، وانظر كلامه بتمامه في الموضع المذكور.