تنفقوا إلَّا ابتغاءَ وجهِ اللَّهِ، ومعنى ابتغاءِ وجهِ اللَّه: طلبُ رضا اللَّه، وهو متعارَفٌ في الكلام، يقول الرجل: أَفعلُ هذا لوجهِ زيدٍ؛ أي: لطلب رضاهُ.
وقوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}: هذا شرطٌ وجزاءٌ على ما مرَّ.
وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}: أي: لا تُنقصون، كما في قوله تعالى: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} الكهف: ٣٣؛ أي: لم تَنقص (١).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: دلَّت الآيةُ على جواز دفع الكفارات إلى الكفار؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى جعلها نافعةً لنا ومكفِّرةً لِمَا ارتكبنا، وممَّا يوفِّر علينا به الثواب (٢).
* * *
(٢٧٣) - {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قيل: اتِّصاله بقوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا} إلى آخرِ الآية {فَنِعِمَا هِىَ}.
وقيل: لمَّا قال: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ} كأنَّهم قالوا: لأيِّ الفقراء؟ فقيل: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا}.
وقيل: معناه: هذه النفقاتُ المذكورةُ في هذه الآيات للفقراء.
= الصحيحين: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه.
(١) "أي لم تنقص": من (أ).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٦٦).