وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}: أي: كيف يتماثلان والبيعُ محلَّلٌ بتحليل اللَّه تعالى، والرِّبا محرَّمٌ بتحريم اللَّه تعالى.
وقوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}: لم يقل: جاءته؛ لأنَّ الفعلَ مقدَّم، ولأنَّ الموعظةَ بمعنى الوعظ، ولأنَّ الموعظةَ تأنيثُها ليس (١) بحقيقيٍّ؛ أي: مَن بلَغه هذا الوعظُ والتحريمُ.
{فَانْتَهَى}: أي: امتنع عن الاستحلالِ والأخذِ.
{فَلَهُ مَا سَلَفَ}: أي: فله ما أخذَ فيما مضى قبل التحريم، وليس عليه ردُّه، وأيضًا غُفر له ما مضى في كفره؛ قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: ٣٨.
وأشار الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه إلى أنَّ معناه: أنَّه لو ندمَ على ذلك الفعلِ صار له بعد أنْ كان عليه، من قوله: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان: ٧٠ (٢).
وقوله تعالى: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ}: أي: لا خصومة (٣) للمُعطي، بل صار أمرُه إلى اللَّه وحده.
وقيل: أي: مغفرتُه وتعذيبُه إلى اللَّه تعالى، فإنَّ توبته لا يَعلم حقيقتَها إلَّا اللَّه، فهو يغفر له إنْ حقَّق، ويعذِّبه إنْ لم يحقِّق.
وقيل: أمرُه إلى اللَّه في المستقبل، يعصمُه إنْ شاء، ولا يعصمُه إنْ (٤) شاء، والأول قد غفر له.
(١) في (أ): "الموعظة ليس بمؤنث".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٧٠).
(٣) في (أ): "لا حرمة".
(٤) ما بين معكوفتين من (أ).