(٢٧٨) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: أي: واتركوا ما بقيَ لكم غيرَ مقبوضٍ مِن مال الرِّبا على مَن عامَلْتُموه به إن كنتم محقِّين (١) في الإيمان؛ فإنَّ الإيمانَ يوجب عليكم طاعةَ ربِّكم فيما أَمركم به، فأمَّا المقبوضُ قبل التحريم فقد دخل في قوله تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ}.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: في الآية دليلٌ أنَّ حدوثَ الحرمة المانعةِ للقبض يَرتفع به العقدُ، ويَثبت به أيضًا أنَّ حدوثَ شيءٍ في عقدٍ معقودٍ قبل القبض، كالمعقود عليه في استيجاب (٢) حصَّته مِن الثمن (٣).
وقال السدِّيُّ رحمه اللَّه: نزلت الآيةُ في العبَّاس بنِ عبد المطلب وخالد بنِ الوليد وغيرِهما، كانت لهم ربًا على ثَقيف فأُمروا برفضها (٤).
ورويَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا دخل مكَّة عامَ الفتح قبل حجَّة الوداع قال: "إنَّ كلَّ ربًا كان في الجاهلية فهو موضوعٌ تحت قدميَّ هاتين، وأوَّل ربًا أضعه ربا العبَّاس بنِ عبد المطلب" (٥).
وقال عكرمة وعطاءٌ: نزلت في العبَّاس بنِ عبد المطلب وعثمان بنِ عفان، وكانا قد أَسلفا في التَّمر، فلمَّا حضر الجذاذُ (٦) قال لهما صاحبُ التمر: لا يبقى لي ما يكفي
(١) في (أ): "محققين".
(٢) في (ر) و (ف): "استحقاق".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٧٢).
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٨٤)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٩٣ - ٩٤). ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٥٤٨)، وفيهما: (العباس ورجل من بني المغيرة).
(٥) قطعة من حديث جابر الطويل في الحج، رواه مسلم (١٢١٨).
(٦) في (أ): "الجداد"، وفي (ف): "الحداد".