وبحسن (١) الدُّعاء، وخوفِ الخاتمة، وسؤالِ الرحمة، وذكرِ اللَّه تعالى ببالغ الأثنية (٢)، والإقرارِ بالقيامة، وذلك قوله تعالى:
* * *
(٨) - {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
{بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}: أي: لا تُمِلْ قلوبنا عن الحقِّ، وهو خلقُ الميلِ في القلب، ودلَّ ذلك على أنَّ اللَّه تعالى خالقُ أفعالِ العباد.
وقوله: {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}: يعني: بعد هدايتك إيَّانا؛ وهو خَلْقُ فعلِ الاهتداء أيضًا، ودلَّ على ما دلَّ عليه (٣) الأوَّل.
وقوله تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}: أي: مِن عندك، والرحمةُ تحتمل أنْ يكون أُريد بها (٤) الثباتُ على الإسلام، وتحتمِلُ أنْ يكون المرادُ بها الجنَّةَ، وتحتمِل أنْ يُريد بها كلَّ نعمةٍ.
وقيل: معناه: هَبْ لنا ما نستوجبُ به الرحمةَ بوعدك.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}: هو كثيرُ الهبة ودائمُ الهبة؛ وهي التبرُّع بما ليس على الفاعل فِعْله، ودلَّ ذلك على بطلان قولِ المعتزلةِ في وجوب الأَصْلح على اللَّه تعالى؛ فإنَّ مَن أدَّى ما عليه لم يكن مُنعِمًا متفضِّلًا وهَّابًا.
* * *
(١) في (ف): "بحسن".
(٢) في (أ): "ببالغ الأبنية"، ولم ترد الكلمتان في (ر).
(٣) "عليه" لم يرد في (أ) و (ف).
(٤) في (ر): "منها".