كقوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} البقرة: ٢٥٧؛ أي: يمنعهم.
ووجهٌ آخَرُ: أن يكون معناه: وتنزع النبوَّة مِن نسلِ مَن تشاء؛ أي: تكون في قومٍ، فينقطع عنهم ذلك بذهاب نبيِّهم، ويُوحَى إلى نبيٍّ مِن غيرهم، كما كان في نسلِ إسحاق عليه السلام في بني إسرائيل، ثم صار في نسلِ إسماعيل عليه السلام في العرب.
وقيل في قوله تعالى: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ}؛ أي: بالإيمان، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المنافقون: ٨، {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} بالكفر؛ قال اللَّه تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} البقرة: ٦١.
وقيل لأبي بكر بن عبدش (١): أيَّ قولٍ اخترتَ في هذه الآية، قال: قولًا واحدًا: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ} بالقناعة (٢) {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} بالسؤال.
* * *
(٢٧) - {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وقوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ}: الولوجُ: الدخولُ، والإيلاجُ: الإدخالُ، ووليجةُ الرجلِ: بطانته؛ لأَنَّه يُطلِعه على داخل أمرِه، ومعنى الآية: أي: تُنقِص مِن ساعات الليل وتَزيدها في النهار.
قوله تعالى: {وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}: أي: تَنقص مِن ساعات النهار وتَزيدها في الليل، وهو تقريرٌ للأوَّل ووصفٌ بكمال القدرة، إذ ليس (٣) ذلك في قدرةِ غيرِ اللَّه تعالى.
وقال عطاء: هو ما يَأخذ النهارُ مِن اللَّيل حتى يصيرَ النهارُ إلى خمسَ عشرةَ ساعةً، والليلُ إلى تسعِ ساعاتٍ، وقوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} هو ما يأخذ الليلُ
(١) أبو بكر بن عبدش مفسر نقل عنه الثعلبي في مواضع من "تفسيره"، وسماه في "معجم الأدباء" (٦/ ١٨٣٠): أبو بكر بن عبدوس.
(٢) في (أ) و (ف): "بالقنوع".
(٣) في (ر) و (ف): "وليس"، بدل: "إذ ليس".