وكانوا جميعًا، وهذا لأنَّ الذُّرِّيَّة لمَّا كانت مشتقَّةً مِن الذَّرْء اشتملت (١) الكُلَّ؛ لأنَّ الأبَ خُلق منه الولد، والولد خُلق مِن الأب.
وقال قتادةُ وأبو رَوقٍ: أي: بعضُهم على دينِ بعضٍ (٢)، كما قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} التوبة: ٦٧ (٣).
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}: أي: {سَمِيعٌ} لمقالةِ اليهود: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} المائدة: ١٨ وعلى دينِ إبراهيم وهو دينُ اللَّهِ {عَلِيمٌ} بعقوبتهم على ذلك.
* * *
(٣٥) - {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
وقوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ}: قال الأخفش: أي: واذكُر يا محمَّد إذ قالت حنَّةُ بنتُ فاقوذ (٤).
وقال الزجَّاج: أي: واصطفى آلَ عمران إذ قالت (٥).
وقيل: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} إذ قالت؛ فهو {سَمِيعٌ} لمقالتها {عَلِيمٌ} بنيَّتها.
وقوله تعالى: {امْرَأَتُ} هذا ألفُ وصلٍ؛ لأنَّ الأصل: مرأة، فسكَّنوا الميمَ فأدخلوا (٦) الألفَ وقايةً لسكونها.
(١) في (ر) و (ف): "شملت".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٥٣) عن أبي روق.
(٣) انظر: "البسيط" للواحدي (١٠/ ٥٤٠)، وقد ذكره في هذه الآية عن ابن عباس.
(٤) انظر قول الأخفش في "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٠١)، وعزاه الزجاج أيضًا للمبرد، لكنه خالفهما في التقدير كما سيأتي.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٠١).
(٦) في (ر): "وأدخلوا".